ج ارئم التعزير في التشريع اإلسالمي

Transkript

1 جامعة محمد خيضر بسكرة كمية الحقوق والعموم السياسية قسم الحقوق ج ارئم التعزير في التشريع اإلسالمي مذكرة مكممة من متطمبات نيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون جنائي إعداد الطالب: جدو حاتم إش ارف الدكتورة: بوسطمة شهر ازد الموسم الجامعي: 2014/2013

2 بطه اهلل السمح السح ه... الالت ختاف ىش ش فعظ ا جس يف ( املطاجع اضسب فإ أطعيله فال تبتغ ا عل ضب ال إ اهلل كا عل ا كبريا( اآل 34 ض ز اليطا صدق اهلل العظ ه

3 شلس عسفا احلند هلل الر ت اضع لعظنت كل ش. احلند هلل الر ذل لعصت كل ش. احلند هلل الر خطع ل كل ش. احلند هلل الر إضتطله لقدزت كل ش. بعد احلند الشلس هلل ضبخاى تعاىل الر أعاىيا عل إمتاو را العنل. أتقدو بالشلس اجلص ل إىل كل م قدو ل د املطاعد يف إجناش را البخث أخص بالركس الدكت ز املشسف ب ضطل ش سشاد مع كل أمي ات هلا بالت ف ق يف كل ج اىب ح ات ا. كنا أمحد اهلل عل ت طري تطدري األشداص الر كا هله الفطل اللبري ب ضع بصن اضخ أ خف إلجناش را البخث. كنا أدع اهلل أ جيعل م را العنل الر أجنص يف ضب ل ميفع للل م طلع عل. كنا أدع اهلل أ جيعل م را العنل الر أجنص يف ضب ل ميفع للل م طلع عل. فطبخاىم أىت الر قلت ( قل اعنل ا فطري اهلل عنلله زض ل املؤمي ضرتد إىل عامل الغ ب الش اد ف يب له مبا كيته تعنل ) اآل 105 ض ز الت ب شلسا

4 إ دا إىل م زبتين ض ست الل ال م أجل كابدت األحصا اج ت الصعاب املتاعب. إىل م ميخت ل اللثري مل تطلب ض ضعادت زاحيت جناح أم الغال العص ص. إىل م كافح م أجل ميخين احل ا األمل شزع يف ىفط العصو اإلزاد الر أد ل بالفطل األكرب يف كل ما حققت أب العص ص. أطال اهلل يف عنس نا أفاض يف عطا ا. إىل م جا ا إل ر الدى ا تقامس ا مع احل ا إخ ت األعصا. إىل كل الصمال الصم الت ظامع حمند خ طس باخلص ص كل احلق ق العل و الط اض. كنا ال أىط الر قف ا إىل جاىيب ضاعد ى عل إجناش ر املركس ضاعد ى يف إخساج را العنل. كنا ال أىط األضتاذ املشسف ب ضطل ش سشاد عل كل اجمل دات اجلباز اليت كاىت ضببا يف ص ل إىل را اليجاح. مع كل أمي اتيا هلا بالت ف ق يف كل ج اىب ح ات ا. احلند هلل عل كل حال. شلسا حاته

5 مقدمة من المعروف أن العقوبات الشرعية ىي تطيير لآلدمي في الدنيا قبل أن يمقى ربو فنجد أن الشريعة اإلسالمية قسمت العقوبات إلى ثالث وىي: القصاص والحدود وكذلك التعازير حيث أن القصاص يعتبر من عقوبات ج ارئم القتل والتعدي عمى األط ارف ويسمى عند بعض الفقياء بالجنايات أما الحدود فيي مقدرة شرعا كحد الزنا والسرقة أما التعازير فيي التأديب عمى الذنوب والمعاصي التي لم تقدر عقوبتيا بنص فيو من العقوبات المشروعة في اإلسالم متى احتيج لو فال يشترط في ج ارم التعازير أن يكون لكل جريمة عقوبة معينة محددة يتقيد بيا القاضي كما ىو الحال في ج ارئم الحدود والقصاص والديو والقاضي يختار لكل جريمة ولكل مجرم العقوبة المالئمة ولو أن يخففيا أو يغمظيا. و التعزير عقوبة غير مقدرة في الكتاب والسنة تجب في كل مصيبة ليس فييا حد وال كفارة ولمقاضي سمطة واسعة في تحديد العقوبة التعزيرية فمعظم العقوبات متعارف عمييا فيو متروك لالجتياد إال أنيا ليست مطمقة. فيناك ضوابط تحكم القاضي ال بد أن ي ارعييا عند تحديده لمعقوبة كاالجتياد بما تقتضيو النصوص وكذلك مالئمة العقوبة لمجريمة أو المعصية وأيضا م ارعاة األحوال والظروف والمآالت في تقدير العقوبة و الفقو اإلسالمي يدرك بوضوح أن ىذا النوع من العقوبة ىو أكثر العقوبات شيوعا وتطبيقا مما يدل عمى مرونة ىذا التشريع وصالحيتو لمتطبيق في كل زمان ومكان. ومما سبق تتضح عناية اإلسالم باستق ارر المجتمع والحفاظ عمى أمنو فج ارئم التعزير متعددة ومتشبعة ومتجددة يصعب حصرىا أو عدىا. وىذا البحث ييدف إلى إظيار معنى التعزير والج ارئم التي يستحق مرتكبيا ىذه العقوبة لعمو يكون لبنة من لبنات الواجب العظيم في خدمة الشريعة اإلسالمية ودارس القانون ولعل قارءا يق أر ما فيو من األدلة الشرعية من الكتاب والسنة في إرساء منيج اإلصالح في المجتمع اإلسالمي فيكون مرشدا لو إلى الطريق الصحيح. وعمى ىذا األساس فإن السؤال الجوىري الذي تحاول ىذه الد ارسة اإلجابة عميو يمكن صياغتو عمى النحو الموالي: كيف عالج الفقو اإلسالمي نظام التعزير كجزء من المنظومة العقابية الشرعية وكيف تنقضي ىذه العقوبة.

6 الموضوع: أهمية الحديثة الشرعية ارسات الد في أىمية البحث موضوع يكتسي /1 ارئم الج من الحد في ودوره اإلسالمية الشريعة في العقوبات نظام في التعزير موقع إظيار مرتكبيا يستحق التي ارئم ج عن مجممة صورة بيان مع اإلسالمي المجتمع ليا يتعرض التي التعزير. /2 أو الكتاب في نص عمييا يرد ولم األزمنة بتغيير وتتبدل تتغير التي ارئم الج من التعازير تحديد األمر لولي ترك بل ليا عقوبة يحدد ولم الحكيم الشارع من عنيا النيي ثبوت مع السنة كفارة. وال فييا حد ال والتي مقدارىا الموضوع: إختيار أسباب األسباب أىم رصد يمكن يمي: فيما كفارة. وال فييا حد ال ارئميا وج المسممين بحال تيتم وفقيية إسالمية قضية التعزير غيره. عن تميزه بصفات القاضي يتسم أن يجب التعزير ارئم ج في بغيرىا. وعمل أحكاميا غيبت ىذه أيامنا في اإلسالمية بالشريعة العمل المتبع: المنهج ليا. معتمدة البحث ارسة د كانت خصائصو وبيان التعزير لتعريف الوصفي المنيج عمى المقررة والعقوبات التعزير ارئم ج أنواع ارسة د خالل من التحميمي المنيج عمى اإلعتماد تم وكذلك الصعوبات: : العممية المادة قمة أرسيا عمى كان التي البحث ىذا إعداد في واجيتيا التي الصعوبات إعطائو دون ومسائمو التعزير موضوع عن تتحدث التي ارجع الم قمة وكذا البحث لموضوع األخرى المجاالت في كما اآلخرين إلجتيادات والتمميح األدلة وعدم أىميتو تبين خاصة عناية خاصية. من القدامى الفقياء لمغة لما وجدت إن ارجع الم مع التعامل وصعوبة فصمين في العمل ىذا جاء االشكالية عمى لالجابة و األول: الفصل األول: المبحث الثاني: المبحث الثاني: الفصل األول: المبحث الثاني: المبحث الخاتمة. التعزير. ماىية التعزير. مفيوم التعزيرية. ارئم الج أنواع وانقضائيا. التعزيرية العقوبات التعزيرية. العقوبات التعزيرية. العقوبات إنقضاء

7 ماهية التعزير األول : وانقضائها الفصل األول: ماهية التعزير طبقت الشريعة قاعدة أن ال جريمة وال عقوبة بال نص في ج ارئم التعازير و كان من المنطقي أن تطبقيا ألن القاعدة من القواعد األساسية في الشريعة فال يمكن إىماليا و لكن الشريعة لم تطبق القاعدة عمى الوجو الذي طبقتيا بو ج ارئم الحدود و إنما توسعت الشريعة في تطبيق القاعدة عمى ج ارئم التعازير إلى حد ما ألن المصمحة العامة و طبيعة التعزير تقتضي ىذا التوسع الذي جاء عمى حساب العقوبة في أغمب األحوال و عمى حساب الجريمة في القميل النادر. و قد جاء ىذا التوسع عمى حساب العقوبة ألنو يشترط في الج ارئم التعازير أن يكون لكل جريمة عقوبة معينة محددة يتقيد بيا القاضي كما ىو الحال في ج ارئم الحدود أو القصاص و الدية فممقاضي أن يختار لكل جريمة و لكل مجرم العقوبة المالئمة من مجموعة من العقوبات شرعت لعقاب الج ارئم التعزيرية كميا و لمقاضي أن يخفف العقوبة و أن يغمظيا. و جاء التوسع عمى حساب الجريمة ألنو يجوز في بعض الج ارئم التي تمتاز بصفات معينة أن ال ينص عمى الجريمة بحيث يعينيا النص تعيينا كافيا جل يكفي أن ينص عمييا بوجو عام. وىذا ما دفعنا نتكمم في الفصل عن مفيوم التعزير و أنواع الج ارئم التعزيرية.

8 ماهية التعزير األول : وانقضائها المبحث األول: مفهىم التعزير التعزير عقوبة غير مقدرة شرعا لكل معصية أو مخالفة أو إض ارر بالمصالح العامة و ىو مشروع بالكتاب و السنة و اإلجماع و ىو دليل عمى واقعية الشريعة اإلسالمية إذ يتناسب ىذا مع الج ارئم التي تظير عبر األزمنة و األمكنة و يصعب ضبطيا و حصرىا و ىو الدرع الواقي لمحياة في المجتمع اإلسالمي من ارتكاب المخالفات و الجنايات التي لم يشرع ليا. حدود وال كفارة و الج ارئم التعزيرية متفاوتة و متنوعة و يستحيل حصرىا الن الحوادث ال تتناىى بينما النصوص تتناىى ما دام اإلنسان و ما دامت الحياة و يمكن و ضعيا في م ارتب حسب طبيعتيا. لذا استوجب عمينا د ارسة التعزير و خصائصو و تمييز ج ارئم التعزير عن غيرىا كذلك ذكر أنواع الج ارئم التعزيرية المطلب األول:. تعريف التعزير. و الذي سنتناول فيو التعريف المغوي و كذا االصطالحي. الفرع األول: التعزير لغة. يأتي التعزير بعدة معاني في المغة : * * النصرة كما في قولو تعالى:" لتؤمنوا باهلل و رسولو و تعزروه" أي تنصروه. الضرب دون الحد لمنعو من المعاودة و ردعو عن المعصية و ليس بتعزير األمير خ ازية عمى إذا ما كنت غير مريب و قيل ىو أشد الضرب و عزره ضربو ذلك الضرب و العزر أي المنع و التوقيف و التعزير التوقيف عمى الف ارئض و األحكام. ارجع: مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أبادي القاموس المحيط مكتبة البحوث و الد ارسات دار الفكر طبعة جديدة لبنان 2008 ص 396. ابن منظور لسان العرب دار المعارف طبعة جديدة القاىرة ص 561. سورة الفتح اآلية 09.

9 األول : ماهية التعزير * وانقضائها التأديب و ليذا يسمى الضرب دون الحد تعزي ار و إ نما ىو أدب و يقال عزرتو فيو من األضداد و عزره فخمو و عظمو. نصره. * و العزر ىو النصر بالسيف و عزره أي أعانو و قواه و التوقير ىو التعزير في كالم العرب و ليذا قيل لمتأديب الذي ىو الحد تعزير ألنو يمنع الجاني ان يعاود الذنب. و يقال أن ال ع ع زز ر ر: الموم عزره يعزره و التعزير ضرب دون الحد. الفرع الثاني : التعزير اصطالحا. الحاكم تعالى" التعزير ىو التأديب عمى ذنب "اإلمام أو نائبو" حق عام" " معصية أو جناية" الحد فيو وال كفارة فيو يقوم بيا عمى جريمة ألحد فيو مقدر وال كفارة سواء كانت الجناية عمى حق اهلل و ىو ما ليس الحد إسقاطو كاألكل في نيار رمضان بغير عذر و تأخير الصالة عن وقتيا و لو كان الوقت اختياريا أم كانت الجناية عمى حق آدمي "حق شخصي" ىو ما يكون لصاحبو إسقاطو كالسب و الضرب و اإليذاء بوجو ما مثل قول الرحل ألخر يا فاسق يا خبيث...و نحو ذلك. و و مثل كل جريمة اختل فيو ا شرط من شروط الحد كمباشرة الم أرة األجنبية و سرقة ما دون النصاب و خيانة األمانة و الرشوة و الجناية التي ال قصاص فييا و النيب أو الغصب أو االختالس فيجب التعزير إذا لم تتوافر شروط تطبيق الحدود. عمما بأن التعزير لحق أدمي "حق العبد" إيذاء غيره من المعصومين أي الذين ال تحل إىانتيم. مطموب شرعا و إذ من حق اهلل عمى كل مكمف ترك و قد اختمف الفقياء في تعريفو شرعا فالحنفية يرون أن التعزير ىو التأديب دون الحد أما المالكية فيرون أن التعزير تأديب استصالح و زجر عمى ذنوب لم يشرع فييا حدود وال كقا ارت و أن التعزير ىو التأديب لحق اهلل أو ألدمي غير موجب لمحد. و الشافعية يرون أن التعزير ىو تأديب عمى ذنوب لم تشرع فييا الحدود و أما الحنابمة فقد اختمفوا في التعزير فمنيم من عرفو مثل الحنفية و ميم من عرفو بأنو تأديب و منيم من وىبة الزحيمي الفقو المالكي الميسر المجمد الثاني دار الكمم الطيب الطبعة األولى سوريا 2000 ص 476.

10 األول : الفصل ماهية التعزير وانقضائها عرفو مثل الشافعية و كذلك من يرى أن التعزير ىو التأديب في كل معصية الحد فييا وال كفارة. و فييم من يرى أن المعاصي ثالثة أقسام نوع فيو حد وال كفارة فيو و ىي الحدود مثل إتيان الم أرة األجنبية و القذف و نوع فيو كفارة وال حد فيو مثل الجماع في نيار رمضان و نوع ال كفارة فيو وال حد فيجب فييا التعزير. كفارة. و نخمص إلى أن التعزير غير مقدر شرعا أو ىو التأديب عمى ذنب ال حد فيو و ال ىذا عند الفقياء القدامى أما فقياء العصر الحديث فقد عرفو الشيخ أبو زىرة بقولو "التعزير ىو العقوبة التي لم يرد نص من الشارع ببيان مقدارىا و ترك تقديرىا لولي األمر". و قد خص التعزير بالعقوبة غير المقدرة التي يوقعيا ولي األمر فيخرج بذلك ما يوقعو الزوج عمى زوجتو من ضرب و نحوه و ضرب الوالد ولده فإنو تأديب ال تعزير و يقال أن التعزير اسم يختص بالضرب التي يقر بو اإلمام أو خميفتو لمتأديب في غير الحدود فأما ضرب الرجل زوجتو و ضرب المعمم الصبي فال يسمى تعزي ار و إنما يسمى تأديب. )3( كما عرف التعزير أنو العقوبة التي يفرضيا القاضي أو الحاكم عمى جناية أو معصية ليس ليا حد شرعي أي ليس فييا عقوبة مقررة شرعا وكان القضاة السمف يمجئون إلى التعزير أو الضرب أو الحبس أو النفي أو التشيير واإلعالم و ما شابو ذلك. )4( فمعظم التعاريف السابقة ترى أن التعزير ىو تأديب لكل معصية ال حد فييا وال كفارة. من جممة التعريفات نرى أن التعريف الشامل لمتعزير بأنو تأديب في كل معصية ال حد فييا وال كفارة ألن القول تأديب فضال عن كونو محل اتفاق من الجميع فيو إشارة إلى الصفة الغالبة عمى التعزير و ىي تأديب المعزر و تيذيبو و استصالحو حتى ال يعود إلى المعصية مرة أخرى دار ماجد أبو رخية الوجيز في أحكام الحدود و القصاص و التعزير دار النفائس الطبعة األولى األردن ص 294. السيد سابق فقو السنة الجزء الثاني دار المؤيد طبعة أولى الرياض 2001 ص 393. )3( حسني عبد الحميد البدائل الشرعية لمعقوبات الوضعية بدالئل العقوبات السالبة لمحرية في الشريعة اإلسالمية النفائس طبعة أولى 2007 ص 172. ) 4 (محمد سعيد عبد القادر فقو القضاء في اإلسالم منشأة المعارف طبعة أولى مصر 2002 ص 41.

11 ماهية التعزير األول : وانقضائها المطلب الثاني: وو ال: خصائص التعزير. يختمف التعزير عن غيره في الخصائص التي سنتطرق ليا بشيء من التفصيل. التعزير غير مقدر و أمره متروك لإلمام بحسب حالة المجرم و بحسب كل جريمة أما مقداره فقد اختمف فيو الفقياء: 1 فيو بحسب المصمحة و عمى قدر الجريمة فيجتيد فيو ولي األمر وال حد ألكثره كما قال اإلمام مالك فقد يزيد اإلمام فيو عن الحد إذا أرى المصمحة العامة في ذلك. و كذلك قد روي أن معن بن ازئدة عمل خاتما عمى نقش خاتم بيت المال فاخذ منو ماال فبمغ عمر ذلك فضربو مائة ضربة و حبسو فكمم فيو فضربو مائة أخرى فكمم فيو ف ازده مائة أخرى و نفاه. و كذلك قال الزيمعمي ليس في التعزيز شيء مقدر و إنما ىو مفوض ل أري اإلمام عمى ما تقتضي جنايتيا فإن العقوبة تختمف باختالف الجناية فالتعزير ينبغي أن يبمغ غايتو في الكبيرة كما ىو في حالة ما إذا أصاب من األجنبية كل محرم سوى الجماع أو جمع السارق المتاع في الدار و لم يخرجو و كذلك ينظر في أحواليم فإن من الناس من ينزجر باليسير و منيم من ال ينزجر إال بالكثير. كما أن عميا بن أبي طالب ضرب النجاشي الشاعر عندما شرب الخمر في رمضان الحد ثم ضربو عشرين أخرى. و في حجة من يقول بأن التعزير قد يبمغ مائة فقد حدث النعمان بن بشير في من يطأ جارية ام أرتو عن النبي صمى اهلل عميو و سمم قال:" )3( إن لم تكن أحمتيا لو رجم بالحجارة". أنيا إن كانت أحمتيا لو جمد مائة جمدة و دار أحمد فتحي بينسي التعزيز في اإلسالم مؤسسة الخميج العربي طبعة أولى مصر 1988 ص 44. ) 2 (الزيمعي عثمان بن عمي بن محجن البارعي فخر الدين الزيمعي فقيه حنفي = 1343 ى ) 3 (حديث النعمان ابن بشير في من يطأ جارية إم أرتو نقال عن أحمد فتحي بينسي مدخل الفقو الجنائي اإلسالمي الشروق لبنان ص 184.

12 ماهية التعزير األول : وانقضائها 2 كما قيل أن أقل التعزير ثالث جمدات كما ذكره القدوري فكأنو يرى أن ما دونيا ال يقع بو الزجر و ليس األمر كذلك فقد يختمف ذلك باختالف األشخاص فيكون ذلك مفوضا ل أري القاضي لما يرى المصمحة فيو فإذا أرى القاضي أنو ينزجر بجمدة واحدة فقد يكتفي بيا فيذا ال ي تنافى مع أن في التعزير تقدير بل ىو متروك ل أري القاضي. و قد ورد عن ابن عابدين أنو أقل التعزير ثالث جمدات و قد اختمف فيو و ىذا ما ذكره القدوري لذلك فقد يرى أن ما دونيا ال يقع بو الزجر و يختمف باختالف األشخاص و ىذا مفوض ل أري القاضي و كما ذكر سابقا أنو إذا أرى أنو ينزجر بواحدة فيكتفي بيا. )3( و ما يستخمص أنو عند إكمال ثالث جمدات حيث وجب التعزير بالضرب فقد يرى أنو ال يجوز إنقاصو عنيا و لو أرى أنو ال ينزجر إال بأكثر و لو بمغ تسعة و ثالثين صار أكثر أقل الواجب و تبقى فائدة تقدير األكثر بيا و إذا أرى أنو ال ينزجر إال بأكثر فقد تستبدل تمك العقوبة بأكثر منيا أي ينوع آخر كالحبس مثال. )4( 3 ال يبمغ بالتعزير في المعصية قدر الحد فييا فال يبمغ التعزير عمى النظر و المباشرة حد الزنا و ال عمى السرقة من غير حرز حد القطع وال عمى الشتم بدون القذف حد القذف فيذا قول طائفة من أصحاب الشافعي و أحمد. )5( 4 ال يبمغ بالتعزير أدنى الحدود و إما أربعين و إما ثمانين و ىو قول العديد من الشافعية و الحنابمة و الحنفية. )6( )7( 5 إنو ال يزداد في التعزير عمى عشرة أسواط و ىو رواية عن أحمد بن جنبل و الشافعية. ) 1 (اإلمام أبو الحسين أحمد بن محمد البغدادي الفقيه الحنفي المعروف بالق د وري انتهت إليه رياسة الحنفية بالعراق المولود في عام 362 ى 973 م والمتوفى في عام 428 ى 1037 م. حسني عبد الحميد مرجع سابق ص 200 ) 3 (المرجع نفسو ص 201. ) 4 (فتحي بينسي التعزير في اإلسالم مرجع سابق ص 47. )5( أحمد فتحي بينسي مدخل الفقو الجنائي اإلسالمي مرجع سابق ص 185. ) 6 (المرجع نفسو ص 186. ) 7 (المرجع نفسو ص 187.

13 ماهية التعزير األول : وانقضائها أما عن حجة الحنابمة فقد روي عن أبي بردة عن رسول اهلل صمى اهلل عميو و سمم: " يجمد فوق عشر جمدات إال في حد من حدود اهلل عز و جل" أخرجو البخاري و مسمم وأبو داود. ال و بما أن العقوبة عمى قدر المعصية و المعاصي منصوص عمى حدودىا فيي أعم من غيرىا فال يجوز أن يبمغ في أىون األمرين عقوبة أعظميا و ما قالوه في من قبل ام أرة ح ارما يضرب أكثر من حد الزنا و ىذا غير جائز ألن الزنا عمى عظمة و فحشو ال يجوز أن ي ازد عمى حده فما دونو أولى فأما عن حديث معن بن ازئدة فيحتمل أنو كانت لو ذنوب كثيرة فأدب عمييا أو تكرر منو األخذ من بيت المال أو كان ذنبو مشتمال عمى جنايات أحدىا تزويره و الثاني أخذه المال من بيت المال بغير حق لو و الثالثة فتحو باب الحيمة لغيره من الناس. و أما حديث النجاشي الشاعر فإن عميا ضربو الحد لشربو ثم عزره عشرين لفطره فمم يبمغ بتعزيره حدا. ثانيا: يجوز ضم نوع منو إلى نوع آخر القاضي في ذلك مصمحة. كالضرب و النفي أو الضرب و الحبس إذا أرى يعبرون في الفقو اإلسالمي عن الجمد في غير الحد بالضرب و يتكممون عن الضرب في التعزير فينزلون فيو عمى حسب اليفوة في مقدار الضرب و بحسب الرتبة في االمتيان و الصيانة و أكثر ما ينتيي إليو الضرب في التعزير معتبر بالجرم. و عند التكمم عن الحبس فيقول أن الحبس ىو سمب لمحرية أو تقييد ليا و قد كان معروف منذ القديم و مع ذلك فقد اختمف الفقياء في مشروعيتو فيناك الحبس االحتياطي و الحبس كج ازء و ىناك من يرى أن الحبس تضم إليو بعض العقوبات األخرى فيجوز الحبس بعد الضرب في التعزيز. ) 1 (أخرجو البخاري و مسمم وأبو داود نقال عن أحمد فتحي بينسي مدخل الفقو الجنائي اإلسالمي ص 187. أحمد فتحي بينسي العقوبة في الفقو اإلسالمي دار الشروق الطبعة الخامسة لبنان 1983 ص 186

14 ماهية التعزير األول : وانقضائها كما يجوز أن يضم التعزير مع القصاص و الدية فجاء في تبصرة الحكام:" أن الجارح عمدا يقتص منو و يؤدب و يعممون ذلك بأن القصاص يقابل الجريمة ىو حق لممجني عميو و لكن التعزير لمتأديب و التيذيب ىو من حق الجماعة". و يجوز أيضا أن يضم التعزير لمحدود. فالحنفية يرون أن التغريب لم ازني غير المحصن بعد جمده مائة جمدة ليس حدا و إنما الحد ىو الجمد و يضيفون إليو التغريب و يقولون إن ذلك جائز عمى سبيل التعزير إن أريت فيو مصمحة. و عند المالكية أن الجارح عمدا يقتص منو و يؤدب فيم يرون أن الجرح عمدا فيما دون النفس اجتماع التعزير بجانب القصاص و يعممون ذلك أن القصاص يقابل الجريمة و ىذا القصاص حق لممجني عميو و التعزير لمتأديب و التيذيب و ىو حق لمجماعة فأدى ذلك عمى جواز اجتماعو مع الحد. )3( و عند الشافعية أن الم ارد بالتعزير في كل معصية ال حد فييا و أن يدخل في نطاق التعزير ج ارئم االعتداء عمى ما دون النفس كقطع األط ارف عمدا و عمى ذلك يجوز أن يجمع مع القصاص فيما دون النفس. )4( و عمى ىذا األساس نجد أنو يجوز اجتماع التعزير مع الحد أو القصاص إذا أرى القاضي أن المصمحة العامة تقتضي ذلك. فيجوز تعزير شارب الخمر بالقول بعد إقامة حد الشرب عميو لما ورد عن أبي ىريرة أن النبي صمى اهلل عميو و سمم أنو أمر بتبكيت شارب الخمر بعد الضرب فاقبموا عميو يقولون ما اتقيت اهلل ما ع خش ع يت اهلل ما استحييت من رسول اهلل. )5( ) 1 (حسني عبد الحميد مرجع سابق ص 203. دار الفكر الجامعي الطبعة الج ارئم الحدية و التعزيرية في الفقو الجنائي اإلسالمي الشحات إب ارىيم محمد منصور األولى مصر 2011 ص 203. تبصرة الحكام في أصول االقضية و مناىج األحكام الجزء الثاني دار عالم الكتب المممكة العربية )3( ابن فرحون المالكي السعودية 2003 ص 179. ) 4 (الشحات إب ارىيم محمد منصور مرجع سابق ص 204. ) 5 (أحمد فتحي بينسي مدخل الفقو الجنائي اإلسالمي مرجع سابق ص 189.

15 ماهية التعزير األول : وانقضائها و ىذه التبكية ليست إال تعزي ار بالقول فدل عمى جواز إجماع الحد في التعزير كما أن اإلمام إذا أرى من تغريب ال ازني مصمحة فعميا عمى قدر ما ي اره و يكون ذلك منو تعزي ار ألن اهلل عز و جل أمر بجمد ال ازنية و ال ازني و لم يذكر التغريب. و في ذلك من رفع و قد شرب خم ار في رمضان أو شرب ش اربا غير الخمر فسكر منو في رمضان فإنو يضرب الحد و يعزر بعد الحد أسواطا بمغنا ذلك أو نحوه عن عمي بن أبي طالب. و حديث الحجاج بن أبي سفيان قال:" رمضان فضربو ثمانين و عزره عشرين". كما يجوز كذلك أن يضم التعزير مع العقوبات المالية. أتى عمر رضي اهلل عنو برجل قد شرب خم ار في العقوبات المالية ىي إنقاص لممال يفرضو القانون عقابا عمى الجريمة و ىي نوعان مرة يكون فييا الشيء ممكا لمحكومة فيكون عينيا كان ممموكا لممحكوم عميو و مرة يترتب عمييا جعل الحكومة دائنة بمبمغ من المال فعند الحالة األولى يطمق عمييا اسم مصادرة أما الحالة الثانية فيطمق عمييا اسم غ ارمة و من طبيعة ىذه العقوبات أن الشيء المصادر أو الغ ارمة ال يخصص لتعويض الضرر بل منفصال عن الرد و التعويض المستحق بسبب الجريمة. )3( و العقوبات المالية موجودة من عيد قديم جدا و لكن طبيعتيا تطورت مع الزمن فكانت عند األمم القديمة كما ىي في الحاضر تمزم الجاني بأن يؤدي لممدين أو الدولة عمى سبيل العقاب بعض األشياء التي تعد ثروة حسب العصور التي مرت بيا مثل الثي ارن و اإلبل و الفحم و المعادن النفيسة و كذا النقود فكان في تقاليد الشعوب الجرمانية و األمم العربية و عاداتيم كان المال الذي يدفعو الجاني لممجني عميو أو لورثتو معدودا كثمن الدم المسفوك و يعد عربونا لمسالم آن ذاك فالدية عن الشعوب الجرمانية و العربية كانت عبارة عن ترضية تمنح لممجني عميو أو عائمتو مقابل التنازل من حق االنتقام و لكن لم يكن ليا صفة العقوبة الحقيقية. و قد اختمف الفقياء في اإلسالم في مشروعية التعزير بأخذ المال إلى قسمين قسم يرى انو مشروع و قسم يخالف ذلك. ) 1 (حسني عبد الحميد مرجع سابق ص 203. ) 2 (أحمد فتحي بينسي التعزير في اإلسالم مرجع سابق ص 50. ) 3 (أحمد فتحي بينسي العقوبة في الفقو اإلسالمي مرجع سابق ص 212.

16 ماهية التعزير األول : وانقضائها فقد روي أنو بحاشية الشمبي شرحا لقول الزيمعي:" و عن أبي يوسف أن التعزير بأخذ األموال جائ از لإلمام" و عند المالكية و الشافعية و الحنفية ال يجوز بأخذ المال و ما نستخمصو أن التعزير بأخذ المال أن أرى القاضي ذلك أجازه فنجد عند ابن القيم الجوزية فيو من الحنابمة المعدودين أنو يقول: "و أما التعزير بالعقوبات المالية فمشروع أيضا في مواضع مخصوصة في مذىب مالك و أحمد قولي الشافعي. و قد جاءت السنة عن رسول اهلل صمى اهلل عميو و سمم و من أصحابو بذلك في مواضع منيا إباحة صمى اهلل عميو و سمم الذي يصطاد في حرم المدينة لمن وجده, و مثل أمره صمى اهلل عميو و سمم بكسر دنان الخمر و شق ظروفيا و كذلك أمره لعبد اهلل بن عمر بأن يحرق الثوبين المعصفرين و كذلك أمره يوم خيبر بكسر القدور التي طبخ فييا لحم الحمر االنسية ثم استأذنوه في غسميا فأذن ليم فدل عمى جواز األمرين ألن العقوبة لم تكن واجبة بالكسر مثال ذلك في ىدم مسجد ض ارر و كذلك حرمان السمب الذي ليس عميو بينة و إضعاف الغرم عمى سارق ما ال قطع فيو من الثمر و الكثر و مثل إضعاف العزم عمى كاتم الضالة و أخذه شطر مال مانع الزكاة عزمو من عزمات الرب و مثل تحريق موسى عميو السالم العجل و إلقاء ب اردتو في اليم و قطع نخيل الييود إغاضة ليم و مثل تحريق عمر و عمي رضي اهلل عنيما المكان الذي يباع فيو الخمر و األمثمة و القضايا كثيرة و متعددة فالتي ذكرت ىي صحيحة معروفة و ليس من السيل نسخيا و من قال أن العقوبات المالية منسوخة و أطمق ذلك ففيو غمط عمى مذىب األئمة نقال و استدالال فأكثرىا سائغ في مذىب أحمد و آخر سائغ عند مالك. فنرى أنو ال يجوز التعزير بأخذ المال في ال ارجح عند األئمة لما فيو من تسميط الظممة عن أخذ مال الناس فيأكمونو و اثبت ابن تيمية و تمميذه ابن القيم أن التعزير بالعقوبة المالية مشروع في مواضع مخصوصة في مذىب مالك و أحمد و الشافعي كما دلت عميو سنة النبي محمد صمى اهلل عميو و سمم. )3( ) 1 (أحمد فتحي بينسي العقوبات في الفقو اإلسالمي مرجع سابق ص 213. ) 2 (أحمد فتحي بينسي العقوبة في الفقو اإلسالمي مرجع سابق ص 214. ) 3 (وىبة الزحيمي الفقو اإلسالمي و أدلتو الجزء السابع دار الفكر سوريا 2006 ص 5596.

17 األول : الفصل وانقضائها فقد روي عن أبي يوسف:" أنو يجوز لمسمطان التعزير بأخذ المال" ماهية التعزير و معناه أخذ المال عمى القول عند من يجيزه ىو إمساك شيء من مال الجاني عنو مدة لينزجر عما اقترفو ثم يعيده الحاكم إليو ال أن يأخذه الحاكم لنفسو أو لبيت المال كما يتوىم الظممة إذ ال يجوز ألحد من المسممين أخذ مال أحد بغير سبب شرعي. و قال ابن عابدين و أرى أن يأخذ الحاكم مال الجاني فيمسكو عنده فإن أيس من توبتو يصرفو إلى ما يرى من المصمحة و أما مصادرة السمطات ألرباب األموال فال تجوز إال لعمال بيت المال عمى أن يردىا لبيت المال و صادر عمر طعاما من سائل وجده أكثر من كفايتو و تصادر األموال من كسب غير مشروع. و الج ارئم التي توجب عقوبات مالية كالدية أو الغ ارمة تثبت بشيادة رجمين أو رجل و ام أرتين و شيادة رجل واحد و يمين المدعي و كل ما شرع فيو اليمين و ىو ما ذىب إليو الجميور و ىم الممكية و الحنفية و الشافعية و خالفيم في ذلك الحنفية و أصحابيم ف أروا أن ما يوجب المال يثبت بشيادة رجمين أو بشيادة رجمين أو بشيادة رجل و ام أرتين وال يثبت بشاىد و ال بام أرتين و يمين. و قد اتفق الفقياء عمى ثبوت الجرم المعاقب عميو بالتعزير بإق ارر المتيم عمى نفسو مرة واحدة ألنو مما ال يندرئ بالشبيات و كذا بشيادة رجمين أو رجل و ام أرتين ألنو من حق أدمى كالديون و ليذا تقبل فيو الشيادة عمى الشيادة و كاتب القاضي لمقاضي. )3( و قد ذىب فقياء الشريعة إلى القول أن الغالبية العظمى من أدلة اإلثبات فضال عن الشيادة و اإلق ارر يجري العمل بيا في نطاق الج ارئم التعزيرية فقد أخذ بعض الفقياء بالق ارئن كابن فرحون المالكي و ابن القيم الجنبمي مع التحفظ و الحذر و لو في نطاق الحدود و صار ذلك المالكية و الجنابمة مثل إثبات الزنا بالحمل و إثبات شرب الخمر بظيور ارئحتيا من فم )4( المتيم. مذىب ) 1 (وىبة الزحيمي الفقو اإلسالمي و أدلتو مرجع سابق ص عبد القادر عودة التشريع الجنائي اإلسالمي مقارنا بالقانون الوضعي الجزء الثاني مؤسسة الرسالة الطبعة ال اربعة عشرة لبنان 1998 ص 319. ) 3 (عبد الحميد عمارة ضمانات الخصوم أثناء مرحمة المحاكمة الج ازئية في التشريع الوضعي و اإلسالمي دار الخمدونية الج ازئر 2010 ص 453. ) 4 (وىبة الزحيمي الفقو المالكي الميسر مرجع سابق ص 482.

18 األول : الفصل ماهية التعزير وانقضائها وقال ابن القيم ان النبي صمى اهلل عميو و سمم عزر بحرمان النصيب المستحق من السمب و أخبر عن تعزير مانع الزكاة بأخذ شطر مالو فقال صمى اهلل عميو و سمم فيما يرويو أحمد و أبو داود و النسائي:" عزمة من عزمات ربنا" من أعطاىا مؤتج ار فمو أجرىا ومن منعيا فإنا أخذوىا و شطر مالو كما ذكر ابن القيم مواضع كثيرة لتغريم المال. و اضعف عمر و غيره الغرم في ناقة أع اربي أخذىا مماليك جياع أضعف الغرم عمى سيدىم و د أر عنيم القطع. و أضعف عثمان بن عفان في المسمم إذا قتل الذمي عمدا أضعف عميو الدية فتجب عميو الدية الكاممة إذ أن دية الذمي نصف دية المسمم و أخذ بو أحمد بن جنبل. و أجاز المالكية العقوبة في المال إذا كانت جناية الجاني في نفس ذلك المال أو في عوضو فيتصدق بالزعف ارن المغشوش عمى المساكين و إذا اشترى مسمم من نص ارني خم ار فإنو يكسر وعاؤه عمى المسمم و يتصدق بالثمن تأديبا لمنص ارني إن كان النص ارني لم يسممو. و نخمص إلى أن رسول اهلل صمى اهلل عميو و سمم اسقط عمى سارة الثمر و الكثر القطع و حكم أنو من أصاب منو شيئا بفمو و ىو محتاج فال شيء عميو و من خرج منو بشيء عميو غ ارمة مثمو و العقوبة و من سرق منو شيئا في جرينو و ىو بيده فعميو القطع إذا بمغ ثمن المجن ثالثا:.)3( يجب أن ي ازد في التعزير في حالة العود فإذا ارتكب الجاني معصية أخرى تستوجب تعزيره ي ازد عمى التعزير األول و لو كان العاصي من ذوي الييئة أي ذوي المروءة ألنو بالتك ارر لم يبق ذا مروءة. )4( و الم ارد بذوي الييئات أىل المروءات أما أن يعمم من رجل صالح في الدين و كانت العشرة أم ار فرط منو عمى خالف عادتو ثم ندم فمثل ىذا ينبغي أن يتجاوز عنو أو يكونوا أىل نجدة و سياسة و كبر في الناس فمو أقيمت العقوبة عمييم في كل ذنب قميل أو كثير لكان في ذلك فتح باب التشاحن و اختالف عمى االمام و بغى عميو فإن لنفوس كثي ار ما ال تحتمل ذلك. )5( ) 1 (وىبة الزحيمي الفقو المالكي الميسر مرجع سابق ص 483. ) 2 (وىبة الزحيمي الفقو اإلسالمي و أدلتو مرجع سابق ص ) 3 (حسني عبد الحميد مرجع سابق ص 203. ) 4 (أحمد فتحي بينسي مدخل الفقو الجنائي اإلسالمي مرجع سابق ص 190. ) 5 (أحمد فتحي بينسي التعزير في اإلسالم مرجع سابق ص 51.

19 األول : الفصل ماهية التعزير وانقضائها فيعرف العود في االصطالح القانوني أنو في حالة الشخص الذي يرتكب جريمة بعد أخرى حكم فييا نيائيا أي أن العود ينشأ عن تك ارر وقوع الج ارئم من شخص واحد بعد الحكم نيائيا عميو في إحداىا أو بعضيا. و يتميز العود عن تعدد الج ارئم بأن المجرم في حالة التعدد يرتكب جريمتو األخيرة قبل أن يصدر عميو حكم في جريمة سابقة عمييا أما في العود فيكون المجرم حين ارتكب جريمتو األخيرة قد صدر عميو حكم أو أكثر. و عود المجرم لإلج ارم بعد الحكم عميو دليل عمى أن المجرم يصر عمى اإلج ارم و عمى أن العقوبة األول لم تردعو و من ثم كان من المعقول أن يتجو التفكير إلى تشديد العقوبة عمى العائد و لقد كانت في فكرة التشديد تمقي فيما مضى مقاومة من بعض ش ارح القوانين الوضعية أما في الحاضر فميس ىناك من ينازع عمى مشروعية العقاب عمى العود. فالمشرع الج ازئري يرى العود أنو من الظروف الشخصية العامة المشددة لمعقاب و ىو صفة تقوم في شخص مرتكب جريمة بعد أن يكون قد حكم عميو نيائيا عن جريمة سابقة و توافرت فيو شروط العود أو ىو حالة الشخص الذي يأتي جريمة أو أكثر بعد سبق صدور حكم بات عميو بالعقاب من أجل جريمة سابقة و يتنوع العود فقد يكون عودا بسيطا أو متكر ار و قد يكون مؤبدا أو مؤقتا و قد يكون عودا عاما أو خاصا فيوصف العود بالبسيط إذا صدر ضد المتيم حكم نيائي بعقوبة واحدة قبل أن يرتكب جريمتو األخيرة و يكون عودا متكر ار إذا أتى المجرم جريمتو من نفس النوع الذي سبق الحكم عميو من أجميا بعدد من العقوبات و يكون عودا مؤبدا إذا أتى المجرم جريمتو في أي وقت بعد صدور حكم نيائي عميو أي دون أي اعتبار لمفترة الفاصمة بين الحكم السابق و الجريمة الجديدة و يكون مؤقتا متى أتى الجريمة في فترة زمنية يحددىا القانون تحسب إبتداءا من صيرورة الحكم نيائيا أو من تاريخ انقضاء تنفيذ العقوبة المقضي بيا. أما العود العام فيقوم عمى أساس عدم اشت ارط أن تكون الجريمة الجديدة من نفس نوع الجريمة المقتضي فييا سابقا بحكم نيائي أما العود الخاص يشترط لقيامو أن تكون الجريمة الجديدة من عبد القادر عودة التشريع الجنائي اإلسالمي مقارنا بالقانون الوضعي الجزء األول مؤسسة الرسالة الطبعة ال اربعة عشرة لبنان 1998 ص 766.

20 األول : الفصل ماهية التعزير وانقضائها نفس النوع الذي سبق الحكم عميو بسببيا أو عمى األقل تماثميا أو انتماؤىا إلى فئة واحدة من الج ارئم تجمع بينيا صمة التماثل أو وحدة الباعث أن إتحاد الحق المعتدى عميو. و يجب أن تفرق بين العود و االعتياد عمى الج ارئم فيو يعني عودا متكر ار لإلج ارم يشترط فييا أن تتعدد العقوبات المقتضى بيا عمى المعتاد عمى اإلج ارم و أن تكون العقوبات المقتضى بيا من أجل ج ارئم من نفس النوع و أن الجريمة الجديدة من نفس النوع كذلك و يقرر لممعتاد تدبير أمر بدل لمعقوبة العادية الذي كان يأخذ بو حتى سنة العقوبات الج ازئري بتاريخ إلغاء المادة 60 من قانون و جعل المشرع الج ازئري العود الصفة التي تقوم في المجرم سببا لتشديد العقاب عميو في جميع الج ارئم جنايات كانت أم جنح أو مخالفات و ىو ظرف شخصي ال ينصرف أثره إال لمن توافر فيو ىذا الظرف فال يكون سببا لتشديد العقاب عمى الغير الذي يساىم في الجريمة مع المعتاد أو العائد لإلج ارم و يشدد العقاب بالعود لما تشكمو ىذه الصفة من استيتار بالنظام العام و إص ارر عمى ارتكاب الج ارئم و لكي بتحقق العود يمزمو أن يتوافر ركنين مميزين ىما وجود حكم نيائي ضد المتيم و أن يكون قد أتى جريمة جديدة بعد صيرورة الحكم نيائيا. و قد أقرت الشريعة مبدأ العود عمى إطالقو و لم يفرق الفقياء بين العام و الخاص كما أنيم لم يفرقوا بين العود األبدي و المؤقت و من ثم يجوز أن يكون العود عاما و خاصا و أبديا و مؤقتا و األمر في ذلك متروك لولي األمر يضع من القواعد ما ي اره محقق لممصمحة العامة. وال فرق بين قواعد العود في الشريعة و قواعد العود في القوانين الوضعية إال أن الشريعة لم تطبق منذ زمن طويل فجيل الناس كل شيء عنيا أما القوانين الوضعية فتطبق باستم ارر و )3( يعرفيا أكثر الناس معرفة جيدة و قد يكفي الشريعة امتيا از أن قواعدىا التي و ضعت منذ أكثر من ثالثة عشر قرن تتفق تمام االتفاق مع أحدث ما وصمت إليو القوانين الوضعية و لكن الشريعة في الواقع تمتاز عمى القوانين الوضعية عمى أنيا تعاقب معتادي اإلج ارم و محترفيو بالقتل و التخميد في السجون و ىما العقوبتان المتان ذىبا إلييما ش ارح القوانين الوضعية بصفة عامة و بالخصوص أصحاب نظريتي تدابير األمن و غرفة االستئصال فيم يرون أن ) 1 (عبد اهلل أوىايبية شرح قانون العقوبات الج ازئري القسم العام موفم لمنشر الج ازئر 2009 ص 414. لا مرجع نفسو ص 416. ) 3 (عبد القادر عودة الجزء األول مرجع سابق ص 768.

21 ماهية التعزير األول : وانقضائها يستأصل معتاد اإلج ارم من الجماعة التي يعيش فييا أو أن يحبس حبسا غير محدود المدة بحيث يكف شره عن الجماعة. أما بالرجوع لمقوانين الوضعية لم تأخذ بيذه اآل ارء إطالقا بل اكتفت بنظرية الحبس بغير محدود المدة بعدما وضعت ليذه النظرية عدة قيود مما جعل الحبس محدد المدة. و ىكذا يتبين أن الشريعة اإلسالمية قد سبقت القوانين الوضعية في تنظيم العود و تقرير قواعده وال ت ازل سابقة ليذه القوانين فيما يختص بتقرير تدابير األمن و طرق االستئصال و تطبيقيا عمى الوجو الذي ينادى بو ش ارح القوانين الوضعية. اربعا: ال يفرق الضرب في التعزير بل يضرب في موضع واحد ألنو جرى فيو التخفيف من حيث العدد فمو خفف من حيث التفريق أيضا يفوت المقصود من اإلنزجار. و قيل أن التعزير كالحد ال يجمع عمى موضع واحد من الجسد وال يجوز أن يبمغ بتعزيره انييال دمو. : خامسا :1 التعزير م ارتب و بو يختمف عن الحدود والقصاص: تعزير إش ارف األش ارف كالفقياء و العمماء و يكون باإلعالم ال غير و ىو أن يقول القاضي بمغني أنك تفعل كذا و كذا. )3( :2 تعزير األش ارف الدىاقنة )*( :3 3 4)4( و كبار التجار و يكون باإلعالم و الجر إلى باب القاضي. تعزير الوساط و ىم العامة و يكون باإلعالم و الجر إلى القاضي و الحبس. )5( 4: تعزير الخسائس و ىم المشبوىين و المتيمين و يكون باإلعالم و الجر إلى القاضي و الحبس و الضرب و يصح الحبس مع الضرب إذا احتيج إلى زيادة التأديب. )6( وقد شرح ابن عابدين ىذا بقولو من كان ذا مروءة صدرت منو الصغيرة عمى سبيل الزلة و لذلك ) 1 (عبد القادر عودة الجزء األول مرجع سابق ص 769. ) 2 (أحمد فتحي بينسي مدخل الفقو الجنائي اإلسالمي مرجع سابق ص 191. ) 3 (أحمد فتحي بينسي التعزير في اإلسالم مرجع سابق ص 52. )*( الدىاقنة جمع دىقان بكسر الدال و قد تضم و ىو لفظ معرب يطمق عمى رئيس القرية و التاجر و من لو مال أو عقار. )4( حسني عبد الحميد مرجع سابق ص 204. ) 5 (أحمد فتحي بينسي التعزير في اإلسالم مرجع سابق )6( حسني عبد الحميد مرجع سابق ص 204. ص 53.

22 األول : الفصل ماهية التعزير وانقضائها قالوا إن تعزيره باإلعالم ألنو في العادة ما يقتضي التعزير بما فوق ذلك و يحصل إنزجار بيذا القول من التعزير فال ينافي أنو عمى قدر الجناية أيضا حتى لو كان من األش ارف ألن الم ارد بيا كما في الفتح و غيره الدين و الصالح فإذا تكرر منو الفعل يضرب لمتعزير فيذا صرح في أنو بالتك ارر لم يبق ذا مروءة و الخالصة: أنو ال يخفى أن االكتفاء بتعزيره باإلعالم إنما ىو مع مالحظة السبب فال بد أن ال يكون مما يبمغ بو أدنى الحدود كما إذا أصاب أجنبية بغير الجماع. كما يالحظ تك ارر الخطأ منو فإذا تكرر الخطأ ثبت أنو ال يستفيد من االحت ارم الذي أضفاه لو المشرع. و قد يفيم أن المقصود بيذا التقسيم ىو ترتيب لبعض فئات المجتمع بحسب مستواىم االجتماعي أو المالي. و لكن ىذا ليس من خمق اإلسالم فقد وردت آثار كثيرة عن الرسول و الخمفاء و غيرىم أن اإلسالم ييتم بالفضائل و اتقاء اهلل ال بالغنى و الجاه. و ىناك فروق بين أنواع التعزير في حد ذاتيا فيجوز في التعزير الذي ىو حق العبد العفو و الصمح و ال يجوز ذلك فيما كان حقا هلل و التعزير الواجب حقا لألف ارد تتكرر فيو العقوبة بتكرر الجريمة عمى عكس التعزير الواجب حقا هلل تعالى فيجرى فيو التداخل و التعزير الواجب حقا لألف ارد يجري فيو اإلرث من جية المجني عميو فيطالبو الورثة و ليس كذلك في التعزير الواجب عمى مخالفة حقوق اهلل. و اإلمام ىو الذي يتولى التعزير سواء كان حقا هلل أو حقا لمعبد فمو ترك لمفرد استيفاء حقو ألساء استعمالو و يكون التعزير واجبا عمى المتيم سواء كان عبدا أو ح ار ذك ار كان أنثى مسمما أو كاف ار أو ذميا بالغا كان أم صبيا ممي از و عاقال الن التعزير سبق و أن قمنا بأنو تأديب. )3( ) 1 (حسني عبد الحميد مرجع سابق ص 205. ) 2 (أحمد فتحي بينسي التعزير في اإلسالم مرجع سابق ص 54. )3( أحمد فتحي بينسي الج ارئم في الفقو اإلسالمي دار الشروق الطبعة السادسة القاىرة 1988 ص 250.

23 ماهية التعزير األول : وانقضائها المطلب الثالث: تمييز جريمة التعزير عن غيرها من الج ارئم. ىناك فروق ظاىرة تميز التعازير عن العقوبات المقررة لج ارئم الحدود و ج ارئم القصاص و الدية و سنذكر أىم ىذه الفروق. وو: العقوبات المقررة لج ارئم الحدود و القصاص و الدية ىي عقوبات مقدرة معينة فيي عقوبات الزمة ليس لمقاضي أن يستبدل بيا غيرىا و ليس لو أ ن ينقص منيا أو يزيد فييا و لو كانت بطبيعتيا ذات حدين كالجمد ألن تقديرىا و تعيينيا يجعميا في حكم العقوبة ذات الحد الواحد. أما التعازير فيي عقوبات غير مقدرة فالقاضي أن يختار من بينيا العقوبة المالئمة و ىي في الغالب ذات حدين و القاضي أن ينزل بالعقوبة إلى حدىا األدنى أو يرفعيا لمحد األعمى عمى أن من عقوبات التعازير ما ىو ذو حد واحد كالتوبيخ و النصح و لكن القاضي مع ىذا غير مقيد بعقوبة بعينيا إال إذا كانت ىي بالذات المالئمة لممجرم و الجريمة. ثانيا: أن الحدود تد أر بالشبيات ودل عن ذلك الحديث " ادفعوا الحدود ما وجدتم ليا مدفعا" كذلك الحديث "إدرؤا الحدود بالشبيات" و أما التعزير فيكون مع الشبو. )3( ثالثا: يتساوى الناس جميعا في الحدود فال يختمف واحد عن آخر فييا و يتساوى فييا جميع الناس دون تفرقة بسبب الشرف أو الغنى أو المنزلة و الدرجة أو غير ذلك فمن سرق تقطع يده ميما كان شأنو و من قذف جماعة كمن قذف واحد من شرب كأسا من الخمر كمن شرب قنطا ار أما التعازير فيختمف باختالف الناس فقد تكون الكممة الواحدة أو التبميغ أو لفت النظر اشد عمى إنسان من ضرب السيام بينما ال يتأثر إنسان آخر إال بالحبس أو الضرب و نحوىما فيكون تعزير ذوي الييئات أخف. )4( و أن تأديب ذي الميابة و الجالل من أىل المروءة و الحياء ال جرم أن يكون أخف منو في أىل البذاءة و السفاىة و التبمد فمن كان ذا خمق و حياء و حسن رىيف فيو جدير باإلنزجار و ) 1 (عبد القادر عودة الجزء األول مرجع سابق ص 686. أخرجو ابو داود نقال عن حسني عبد الحميد ص 218. )3( أحمد فتحي بينسي موقف الشريعة من نظرية الدفاع االجتماعي دار الشروق الطبعة الثالثة 1984 ص 131. ) 4 (وىبة الزحيمي الفقو المالكي الميسر مرجع سابق ص 484.

24 ماهية التعزير األول : وانقضائها بأىون وسيمة كما لو كان ذلك لوما أو تنبييا أو تحذي ار و الطبع الوضيع ليو جدير بما ىو أشد مما يكفي لزجره و نييو كما لو كان ذلك بالضرب أو الحبس أو التشيير. )1 ( و يستدل لذلك لما روي عن احمد و أبو داود و النسائي و البييقي أن رسول اهلل صمى اهلل عميو و سمم قال:" )*( أقيموا ذوي الييئات عث ارتيم إال الحدود و قال الماوردي )3( رحمو اهلل تعميقا عمى ىذا الحديث العظيم فتدرج في الناس عمى منازليم فإن تساووا في الحدود المقدرة فيكون تعزير من جل قدره باإلع ارض عنو و تعزير من دونو بالتعنيف لو و تعزير من دونو بالتعنيف لو و تعزير من دونو بزواجر الكالم و غاية االستخفاف الذي ال قذف فيو وال سب ثم يعدل بمن دون ذلك إلى الحبس الذي يحبسون فيو عمى حسب ذنبيم و بحسب ىفواتيم فمنيم من يحبس يوما و منيم من يحبس اكثر منو إلى غاية مقدرة. )4( اربعا: ال يجوز الشفاعة و العفو في الحدود بعد رفعيا إلى الحاكم بينما التعازير يجوز فييا الشفاعة و العفو من ولي األمر سواء كانت الجريمة ماسة بالجماعة أو باألف ارد. )5( و األمر في ذلك مرىون بجية الحق الذي تعمق بو التعزير فإن كان التعزير متعمقا بحق الحاكم و ىو ما ي ارد بو التقويم و ليس ألدمي فيو حق فقد جاز لمحاكم أو ولي األمر أن ي ارعي األصمح في العفو أو التعزير و جاز كذلك أن يشفع فيو أحد الناس أو بعضيم و يستدل ذلك لما أخرج عن أبي موسى أن النبي صمى اهلل عميو و سمم قال:" )6( عمى لسان نبيو ما شاء" اشفعوا تؤجروا و يقضي اهلل ) 1 (أمير عبد العزيز الفقو الجنائي في اإلسالم دار السالم طبعة ثالثة فمسطين 2007 ص 425. )*( قال االمام الشافعي رحمو اهلل الم ارد بذوي الييئات المذين ال يعرفون بالشر فيزل أحدىم الزلة ويجوز العفو عن زلتيم لدى الشافعية والحنفية أو ارتكب صغيرة من الصغائر وكان طائعا وكانت ىذه ىي أولى خطاياه فال تؤاخذوه وان كان ال بد من المؤاخذة فالتكن خفيفة. رواه أبو داود والنسائي والبييقي نقال عن وىبة الزحيمي الفقو المالكي الميسر ص 485. )3( أبو الحسن الماوردي االحكام السمطانية و الواليات الدينية تحقيق عماد زكي البارودي المكتبة الوقفية القاىرة ص ) 4 (أمير عبد العزيز مرجع سابق ص 426. ) 5 (السيد سابق مرجع سابق ص 498. )6( أخرجو البخاري و مسمم و أبو داود و الترمذي و النسائي نقال عن أمير عبد العزيز ص 426.

25 األول : الفصل ماهية التعزير وانقضائها أما لو تعمق بالتعزير حق ألدمي كالشتم أو الضرب أو نحو ذلك كان في ذلك حقان حق لمحاكم من اجل التقويم و التأديب و حق لممعتدى عميو بالشتم و الضرب فال يجوز لمحاكم أن يسقط حق المعتدى عميو بعفو منو أو شفاعة بل عميو إيفاء المعتدى عميو حقو من تعزير الجاني بشتمو مثمما شتم أو ضربو مثمما ضرب فإذا أعفا المشتوم أو المضروب عميو" "المعتدى كان لمحاكم الخيار في فعل األصمح فإما أن يعزره عمى سبيل التقويم و إما أن يصفح عنو و قيل ليس لمحاكم بعد عفو المجني عميو خيار يل عميو أن يسقط التعزير بعد العفو من صاحب الحق. خامسا: عقوبات ج ارئم الحدود و ج ارئم القصاص و الدية ينظر فييا إلى الجريمة وال اعتبار فييا لشخصية المجرم أما التعازير فينظر فييا إل الجريمة و إلى شخص المجرم معا. سادسا: إن التعزير يقام عمى المكمف و غير المكمف كالصغير و المجنون من باب التأديب و الزجر لما في ذلك من جمب المصالح و دفع المضار عمى اآلخرين أما الحد فال يقام إال عمى المكمف لقولو صمى اهلل عميو و سمم حتى يبمغ و عن المجنون حتى يعقل." و قال ابن تيمية:" )3( "رفع القمم عن ثالثة عن النائم حتى يستيقظ و عن الصبي ال ن ازع بين العمماء أن غير المكمف المميز يعاقب عمى الفاحشة تعزي ار )4( بالغا و كذا المجنون يضرب عمى ما فعل لينزجر لكن ال عقوبة بقتل أو قطع إلى آخره" سابعا: أن من مات بالتعزير فإن فيو الضمان فقد أرىب عمر بن الخطاب رضي اهلل عنو )*( ام أرة فاخمصت بطنيا فألقت جنينا ميتا فحمل دية جنينيا و قال أبو حنيفة و مالك ال ضمان وال شيء ألن التعزير و الحد في ذلك سواء. 2)5( لكن المالكية فصموا في األمر فقالوا ال إثم وال ضمان وال دية عمى الحاكم إذا لم يقصد الموت و إنما قصد التشديد فادى إلى اليالك ظن عدم السالمة أو الشك ضمن ما سرى من ) 1 (أمير عبد العزيز مرجع سابق ص 426. ) 2 (عبد القادر عودة الجزء األول مرجع سابق ص 687. )3( أخرجو أبو داود نقال عن حسني عبد الحميد ص 220. ) 4 (المرجع نفسو ص 220. )*( أخمصت = أجيضت. )5( السيد سابق مرجع سابق ص 498. )*(القود = قصاص و قتل القاتل بدل القتيل.

26 األول : الفصل ماهية التعزير وانقضائها الجرح عمى نفس أو عضو أو جرح أي ضمن دية ما سرى و تكون الدية عمى العاقمة و الجاني كواحد من العاقمة و أما إن ظن عدم السالمة أو جزم بذلك فعميو القود )*( و الحاصل أن الحاكم إن ظن السالمة فخاب ظنو فيدر عند الجميور و إن ظن عدم السالمة فعميو القصاص و إن شك في السالمة فالدية عمى العاقمة و ىو كواحد منيم. ثامنا: أن الرجوع من االعت ارف يقبل في الحد دون التعزير. 3 4 تاسعا: أنو يختمف باختالف مقدار الجناية فمثال في تقبيل الم أرة األجنبية فقط تكون عقوبتيا غير عقوبة الجناية بمباشرة ام أرة أجنبية بكل شيء سوى الجماع بخالف الحدود فال يجري فييا ذلك ففي حد شرب الخمر ال فرق في إيجاب الحد بين من شرب قطرة أو من شرب أكثر و في حد السرقة ال فرق بين من سرق دينار أو سرق مائة ألف دينار مثال فالعقوبة في كمتا الحالتين واحدة و ىي القطع إذا تمت السرقة من حرز. 5)3( عاش ار: أن الحد مختص باإلمام أو نائبو أما التعزير فيفعمو اإلمام و الزوج و األب و غيرىم ممن يرى احد يفعل معصية و لو عميو قدرة أو سمطة و غير ذلك من الفروق التي نص عمييا بعض الفقياء. 6)4( الحادي عشر: أنو يختمف بإختالف األزمان و العصور فمثال التعزير بأمر جميع الناس ىجر الجاني و مقاطعتو كميا إذا أرى اإلمام أو القاضي ذلك إذا كان ممكنا و ذا فائدة في زمن النبوة و بعد عصر الخمفاء ال ارشدين أما فيما بعد ذاك إلى عصرنا ىذا فال تصح ىذه العقوبة إذ ال فائدة فييا لضعف الوازع الديني عند الناس. أما الحدود فال يجرى فييا ذلك فيي صالحة في كل زمان و مكان. )5( الثاني عشر: أن التعزير شرع لمزجر المحض و ليس فيو معنى تكفير الذنب بخالف الحدود فإن فييا معنى الزجر و يشوبو معنى التكفير لمذنب. 1)6( وىبة الزحيمي الفقو المالكي الميسر مرجع سابق ص 485. حسني عبد الحميد مرجع سابق ص 221. )3( أحمد فتحي بينسي التعزير في االسالم مرجع سابق ص 102. )4( حسني عبد الحميد مرجع سابق ص 221. ) 5 (أحمد فتحي بينسي التعزير في اإلسالم مرجع سابق ص 112. )6( أمير عبد العزيز مرجع سابق ص 425.

27 ماهية التعزير األول : وانقضائها الثالث عشر: أن الحد مختص باإلمام إال في السيد يقوم الحد عميو عبده أو جاريتو فيو خالف بين العمماء أما التعزير يفعمو اإلمام و غيره كالزوج و الولي و كل من أرى أحد يباشر معصيتو. ال اربع عشر: أن التعزير يدخل في التعازير مطمقا أي التخيير في نوع العقوبة بحسب اجتياد الحاكم وال يدخل في الحدود إال في الح اربة و ىذا عمى خالف بين العمماء. الخامس عشر: إن التعزير يسقط بالتوبة بخالف الحدود فيي ال تسقط عمى الصحيح إال الح اربة لقولو تعالى:" إال الذين تابوا من قبل أن تقدروا عمييم" )3( إذا كان حقا هلل تعالى فيسقط بالتوبة عند الحنفية و المالكية و ظاىر كالم الشافعية و بعض الحنابمة ألن اليدف من التعزير إصالح الجاني و قدم ذلك فال داعي لمتعزير وظاىر كالم الحنابمة أنو ال يسقط بالتوبة بل تجب إقامتو مطمقا أما إذا كان حقا لمعبد فال خالف بين العمماء أن التوبة ال تسقط و أن األمر ارجع إليو نفسو في العفو من عدمو. أما الحدود فإن كانت خالصة هلل و ىي الشرب و الزنا و السرقة فالجميور من الحنفية و المالكية و الشافعية أنيا ال تسقط بتوبة الجاني مطمقا خالفا لممذىب عند الحنابمة فإن ىذه الحدود تسقط عنو إذا تاب الجاني قبل ثبوت الجناية عند اإلمام عدا توبة المحارب قبل المقدرة عميو فإنو يسقط عنو حد الح اربة عند جميع المذاىب. )4( السادس عشر: التعزير يتنوع لحق اهلل تعالى الصرف كالجناية عمى الصحابة أو الكتاب العزيز و نحو ذلك و إلى حق العبد الصرف كشتم أحد و نحو ذلك و الحدود ال يتنوع فييا حق بل الكل حد هلل تعالى إال القذف. )5( أحمد فتحي بينسي التعزير في االسالم مرجع سابق ص 99. المرجع نفسو ص 109. )3( سورة المائدة اآلية 34. )4( حسني عبد الحميد مرجع سابق ص 220. )5( أحمد فتحي بينسي التعزير في اإلسالم مرجع سابق ص

28 ماهية التعزير األول : وانقضائها السابع عشر: في الحدود يحبس المشيود عميو حتى يسأل عن الشيود بخالف التعزير فال يجري فيو ذلك. وتجدر اإلشارة إلى أن ىناك استثناءات من القاعدة العامة التي ترى أن التعزير في المعاصي التي ال حد فييا: 1 ذوي الييئات في عث ارتيم نص عميو الشافعي لمحديث و حكي الماوردي في ىذه الفئة عمى وجيين: ولهما: أنيم أصحاب الصغائر دون الكبائر. ثانيهما: الذين إذا أتوا الذنب ندموا عميو و تابوا منو و نص الشافعي عمى أنيم الذين ال يعرفون بالشر. 2 األصل ال يعزر بحق الفرع كما ال يحد بقذفو و إن لم يسقط حق اإلمام من ذلك ىذا ما صح بو الماوردي. 3 إذا وطيء حميمتو في دبرىا ال يعزر أول مرة بل ينيى و إن عاد يعزر. 4 إذا أرى من زنى بزوجتو و ىو محصن فقتمو في تمك الحالة فال تعزير عميو و إن افتأت عمى اإلمام ألجل الحمية و الفيظ. 5 إذا نظر إلى بيت غيره و لم يرتدع بالدمى ضر بو صاحب البيت بالسالح و نال منو ما يردعو و قيل لو لم ينل منو صاحب الدار عاقبو الحاكم. و قد قيل في ىذا الشأن ىذا نوع تعزير شرع لصاحب المنزل و إن لم يستوفو فمإلمام استيفاؤه. 6 إذا ارتد ثم أسمم فإنو ال يعزر أول مرة. وىناك أوجو اتفاق بين الحد و التعزير التي سنذكر منيا. أعقوبات الحدود و التعزير وضعت لتأديب الجاني و كفو ىو و غيره عن الجريمة. ب عقوبات الحدود و التعزير وضعت لممصمحة العامة و الخاصة و ىي رفع الفساد عن الناس و تحقيق الصيانة و السالمة ليم. ) 1 (أحمد فتحي بينسي التعزير في اإلسالم مرجع سابق ص 114

29 ماهية التعزير األول : وانقضائها ج عقوبات الحدود و التعزير وضعت جميعا عمى أساس محاربة الدوافع التي تدعو إلى الجريمة و تشجيع الدوافع التي تصرف عن الجريمة أي أن ىذه العقوبات وضعت عمى أساس متين من عمم النفس بما يحقق الردع و الزجر و التأديب. ) 1 (أمير عبد العزيز مرجع سابق ص 425.

30 ماهية التعزير األول : وانقضائها المبحث الثاني: نواع الج ارئم التعزيرية. بعد أن بينا مفيوم التعزير و خصائصو و كذا ميزناه عن غيره من الج ارئم فقد وصمنا إلى توضيح أن الج ارئم التعزيرية التي يممك القاضي حياليا سمطة تقديرية في توقيع العقوبة حسب شخص الجاني و ظروفو و الزمان و المكان الذي وقعت فييما الجريمة فقبل التطرق إلى أنواع ىذه الج ارئم نود أن نبين الج ارئم التي يعاقب عمييا بالتعزير و التي ىي نوعان: النوع األول: الج ارئم المعاقب عمييا بالحد أو بالقصاص إن تختمف ركن من أركانيا ففي السرقة يعزر من يسرق من غير حرز أو من يسرق دون النصاب أو يسرق األشياء الرطبة أو سريعة الفساد أو من يخون األمانة أو يجحد العارية وكذلك في الزنا يعاقب بالتعزير و في القذف يعزر من يقذف بالسب و الشتم و ىكذا. النوع الثاني: الج ارئم التي ال حد فييا وال قصاص و ىي غالبية الج ارئم. فالمشرع اإلسالمي قد الحظ أن الشرع نزل لكل زمان و مكان و أن مصالح الناس التي يسيرون عمييا تتبدل و تتغير بتغير الزمان فكان البد أن يترك منفذا لوالة األمور رحمة بالناس. فالشارع لو حدد عقوبات لجميع الج ارئم كما فعل في الحدود لوقع الناس في حرج عظيم بل تركيا بدون تحديد لعقوبتيا. و بعد ذلك نقسم الج ارئم التعزيرية عمى حسب المصمحة المحمية إلى: أوال: ج ارئم التعزيرية التي تقع عمى النفس و ما دونيا. ثانيا: الج ارئم التعزيرية التي تقع عمى العرض و األخالق. ثالثا: الج ارئم التعزيرية التي تقع عمى المال. المطلب األول: الج ارئم التعزيرية التي تقع على النفس و ما دونها. الفرع األول: القتل العمد الذي و قصاص فيه: فيو اعتداء مباشر عمى شخص المجني عميو و قد شرع القصاص في القتل و جعمتو الشريعة من حق ولي الدم ليقابل ذلك االعتداء المباشر عمى شخص المجني عميو و لمولي فيو حق العفو كما أن في القتل العمد اعتداء عمى حق المجتمع و إذا عفى ولي الدم فيل المجتمع أحمد فتحي بينسي الج ارئم في الفقو اإلسالمي مرجع سابق ص 245.

31 ماهية التعزير األول : وانقضائها لو الحق في تتبع الجاني و معاقبتو و ىل يكون القاضي الحق في العقاب بعقوبة تعزيرية أم ال لقد اختمف الفقياء في ىذا األمر فأغمب الفقياء يتجيون إلى القول بتعزير القاتل بعد عفو ولي الدم عنو إذا أرى القاضي مصمحة في ذلك كأن يكون معروفا بميولو إلى الشر و يكون إن ازل العقاب بو تتبعا لحق المجتمع في العقاب. حيث إذا عفى ولي الدم عن القاتل فإن القاضي يجمده مائة جمدة و يحبسو سنة و يكون ذلك بمثابة العقوبة التعزيرية لو و مقابمة حق المجتمع. و إذا كان الجاني معروفا بالشر فإن لإلمام أن يعزره بما يرى و إذا عفي و لي الدم عن القاتل فغنو ال يجوز معاقبتو لحال بعد العفو. الفرع الثاني: التعزير في القتل الشبه العمد في القتل شبو العمد و سمي خطأ العمد و عمد الخطأ الجتماع الخطأ و العمد فيو ألنو عمد الفعل و خطأ في القتل ففي ىذا القتل تجب الدية و ىذه الدية نجد أن وجوبيا أنما جعل مقابمة لمنفس التي ذىبت بفعل الجاني كما يكون التعزير ىنا في مقابمة الفعل اإلج ارمي. فقال البيوتي في ىذا الشأن قد يقال بوجوب التعزيز في القتل شبو العمد الن الكفارة حق هلل تعالى وليست ألجل الفعل بل بدل النفس الفائتة فأما نفس الفعل المحرم الذي ىو الجناية فال كفارة فيو. ومن األصول الثابتة عن الحنفية أن ماال قصاص فيو عندىم كالقتل المثقل يجوز لإلمام أن يعزز فيو بما يصل لمقتل إذا تكرر إرتكابو ما دامت فيو مصمحة وبناءا عمى ىذا األصل قالوا بالتعزيز بالقتل لمن يتكرر منو الختق أو التغريق أو اإللقاء من مكان مرتفع إذا لم يندفع فساده إال بالقتل الفرع الثالث:.)3( الج ارئم العمدية على ما دون النفس إذا كانت الجناية عمى ما دون النفس عمدا فيشترط لمقصاص فضال عن شروطو في النفس كالمماثمة و إمكان إستيفاء المثل ويرى جميور الفقياء التعزيز أيضا في الجناية العمد عمى ما دون النفس إذا سقط القصاص أو إمتنع لسبب أخر فيكون في الجريمة التعزيز مع الدية ) 1 (الشحات إب ارىيم محمد منصور مرجع سابق ص 204. ) 2 (المرجع نفسو ص 205. ) 3 (يوسف بن عبد اهلل الشبيمي فقو الحدود دروس ألقيت في المعيد اإلسالمي بواشنطن ص 81.

32 ماهية التعزير األول : وانقضائها أو األرش أو بدونو تبعا لألحوال واذا لم يترك اإلعتداء عمى الجسم أث ار فأغمب الفقياء عمى أن في ذلك التعزيز ال القصاص. أما التعزيز في ج ارئم الخطأ عمى النفس وما دونيا تجب فييا الدية والكفارة وىذه الج ارئم أيضا ثمرة عدم التحرز ويمكن فييا إحتساب نتيجة الشيئ إذا كان ىناك تكمب وجيد وعدم اإلحتياط و ترك التحرز ىو الذي يؤدي إلى النتيجة الضارة وىو محل المسائمة الجنائية. ويرى البعض أنو في ىذه الج ارئم ال يجوز أن يبقى الجاني بغير عقاب وذلك إذا ما عفى فيجب التعزيز وحتى إذا لم يكن ىناك عفو فإنو يجب التعزيز وحتى إذا لم يكن ىناك عفو فإنو يجب. التعزيز رعاية لمصمحة المجتمع فالجنايات عمى ما دون النفس ىي كل أذى يقع عمى إسم اإلنسان من غيره من دون أن يؤدي بحياتو كالجرح و الكسر والضرب...إلى غير ذلك. فقد يكون عمدا أي ما تعمد فيو الجاني بقصد العدوان و قد يكون خطأ وىو تعمد فيو الجاني الفعل دون قصد العدوان كمن يرمي حج ار ليتخمص منو فيصيب بو احد. المطلب الثاني: الج ارئم التعزيرية التي تقع على العرض و األخالق نجد أن جريمة الزنا جريمة حدية إذا توافرت فييا الشروط الشرعية لثبوتيا أما إذا لم يطبق الحد المقدر لوجود شبية أو لعدم توافر شرط من الشروط الشرعية لثبوت الحد وأن عقوبتيا ىو الحد الذي ىو منصوص عميو في القرآن الكريم لغير المحصن مائة جمدة والرجم المنصوص عميو في السنة النبوية لم ازني المحصن ولكل جريمة الحد فييا وال قصاص ففييا تعزيز. واذا كانت ىناك شبية تد أر الحد سواء كانت شبية فعل أو شبية ممك أو شبية عقد فإن الحد ال يطبق فالجاني يعزر ألنو ارتكب جريمة ليست فييا عقوبة مقدرة. واذا كانت المزني بيا ميتة ففي ىذا الفعل التعزيز ألنو يعتبر زنى إذ أن حياة المزني بيا شرط في الحد وان لم يكن الفعل من رجل فال يقام الحد بل التعزيز ومما يستوجب التعزيز في ىذا المجال كل ما دون الواقع من أفعال و يستوي فيو المسمم و الكافر والمحصن و غيره. ) 1 (الشحات إب ارىيم محمد منصور مرجع سابق ص 206.

33 ماهية التعزير األول : وانقضائها ومنو أيضا إصابة كل محرم من الم أرة غير الجماع و عناق األجنبية أو تقبيميا و مما. فيو التعزيز كذلك كشف العورة ألخر وخداع النساء وكذلك كل ما يفسد األخالق يعد من المعاصي في الشريعة اإلسالمية التي ليس فييا عقوبات. مقدرة فتستوجب التعزير كما نجد أن القذف الذي الحد فيو وكذلك السب فحد القذف ال يقام عمى القاذف إال بشروطو فإن انعدم شرط منيا أو اختل فإن الجاني ال يطبق عميو الحد و يعزز عند طمب المقذوف ألنو ارتكب معصية ألحد فييا. )3( ومن شروط القذف الذي فيو الحد كون المقذوف محصنا فإن لم يكن محصنا ال يجد القاذف ولكن يعزز و أن يكون المقذوف معموما فإن لم يكن معموما فال حد بل التعزيز وال يجد في القذف بغير الصريح بدون القرنية و إنما يعزز ومن قذف أخر قذفا مقيدا بشرط أو أجل يعزر وال يحد. )4( وان لم يكن القول قذفا بل مجرد سب أو شتم فإنو يكون معصية الحد فييا ففييا تعزير ومن أمثمتيا يا نص ارني يا زنديق يا كافر في حين أنو مسمم و كذلك من قال ألخر يا مخنث أو يا منافق وىو لم يتصف بذلك و كذلك من قال يا أكل الربا يا شارب الخمر يا خائن يا سارق ومن يقول كذلك يا بميد يا قذر يا سفيو يا ظالم يا أعور يا معقد ويعزز عمى وجو العموم من شتم أخر ميما كان الشتم ألنو معصية. يشمل التعزير الج ارئم التي تقع عمى العرض ومثاليا جريمة الزنا ويشمل كذلك الج ارئم التي تقع عمى األخالق وتفسدىا بما فييا السب والقذف. ) 1 (يوسف بن عبد اهلل الشبيمي مرجع سابق ص 82. ) 2 (الشحات اب ارىيم محمد منصور مرجع سابق ص 206. ) 3 (محمد أبو زىرة الجريمة والعقوبة في الفقو اإلسالمي دار الفكر العربي ص 108. ) 4 (عبد القادر عودة الجزء األول مرجع سابق ص 80.

34 ماهية التعزير األول : وانقضائها المطلب الثالث: الج ارئم التعزيرية التي تقع على المال ج ارئم االعتداء عمى المال التي تشمل السرقة و كذلك قطع الطريق فأما السرقة فيي من ج ارئم الحدود و ىناك السرقة التي ألحد فييا ما دامت قد استوفت شروطيا الشرعية و أىميا الخفية وكون موضوع السرقة ماال ممموكا لغير السارق محر از نصابا فإذا تخمف شرط من شروط الحد فال يقام وبل يعزز ألنو ارتكب جريمة فييا حد. أما قطع الطريق فالحد فيو فإذا كان القاطع صبيا فإنو ال يقام عميو الحد ولكنو يعزز فقط وعند الحنفية فيشترطون الذكورة في القاطع حتى يقام عميو الحد و الم أرة ال تحد عمى أرييم فإنو يوقع عمييا عقوبة تعزيزية الرتكابيا الجريمة. و يضاف إلييا الج ارئم المضرة بالمصمحة العامة و عند وصول إلييا نستطيع تقسيميا إلى قسمين الج ارئم المضرة بأمن الدولة من جية الخارج وج ارئم أخرى من جية الداخل و فئات أخرى. والج ارئم المضرة بأمن الدولة من جية الداخل فيي متمثمة في الرشوة محرمة بنص الق ارن والسنة فقال تعالى في حق الييود وقال صمى اهلل عميو وسمم: "لعن اهلل ال ارشي و المرتشي و ال ارئش" وىي جريمة )3( "سماعون لمكذب أكالون لمسحت" )4( فأما الج ارئم المضرة بأمن الدولة من جية الخارج مثل التجسس الذي أجاز المالكية و الحنابمة و )5( غيرىم قتل الجاسوس المسمم إذا تجسس لمعدو عمى المسممين ولقد نيي القرآن الكريم عنو لقولو تعالى: "وال تجسسوا وال يغتب بعضكم بعضا..." )6( فالتجسس منيى عنو دون أن تقدر لو عقوبة معينة فدل ذلك عمى أنو جريمة تعزيزية ومثالو تسييل دخول العدو لمبالد فيذه الج ارئم وما عمى شاكمتيا تحرميا الشريعة اإلسالمية و يستحق مرتكبيا التعزير. ) 1 (وىبة الزحيمي الفقو اإلسالمي و أدلتو مرجع سابق ص ) 2 (محمد أبو زىرة مرجع سابق ص 104. )3( سورة المائدة اآلية 42. ) 4 (رواه أحمد نقال عن الشحات إب ارىيم محمد منصور ص 209. ) 5 (وىبة الزحيمي الفقو اإلسالمي و أدلتو مرجع سابق ص )6( سورة الحج ارت اآلية 12.